فلسطين .. تلك التي تعرفها على الورق
عن ماذا أحدثكم اليوم ؟
لن أحدثكم عن أميركا ! عن بطش أميركا وظلمها .. فذاك أمر قديم
ولن أحدثكم عن صدام ! فالحكاية ـ برمّتها ـ بالية ومهترئة !
ولن أحدثكم عن علاقة الرجل بالمرأة ، أو المرأة بالرجل .. فلقد تفطن الكل ( حتى المبتدؤون ـ وأنا منهم ) إلى أن هذا الموضوع هو أول موضوع يكتبه أي كاتب إنترنتّي ناشئ ! لأنه يستهوي قراء النت كثيراً .
ولن أحدثكم عن الأوضاع في الوطن العربي .. فحتى الحلاق الهندي في ركن الشارع يتحدث في هذا الأمر بإجادة تامة ،،
ولأنني ما عندي حكايه ـ كالعادة ـ وليس لدي شيء مهم أكتب عنه .!
عن ماذا أحدثكم !!
سوف أحكي لكم حكاية جديدة
وسوف أكتب في موضوع جديد
موضوع لم يسبقني إليه أحد قط !
ولم يتفطن إليه فطاحلة الأقلام والكيبوردات من قبلي !
سوف أتحدث عن فلسطين ،
أرجوكم لا تغلقو الموضوع ،
فنظرة الإحباط البادية على وجوهكم تدعوني للتراجع !
لسان حالكم يقول :هل هذا هو الموضوع الجديد الذي أزعجتنا به !
وكل تلك المقدمة من أجل فلسطين !
فلسطين التي اشتهر العديد من الكتاب بفضل الكتابة عنها !!
وبرز الكثير من التجار والمقاولين بسبب متاجرتهم بها ـ كسلعة !!
وأنها أصبحت بضاعة في حقائب تجار الشنطة !!
نعم .. فلسطين
عموما .. الكل يؤمن بأن فلسطين سوف تعود للسلطة الإسلامية ، لذلك قرر الجميع ـ ودون اتفاق مسبق ـ أن يوقفوا العمل والتفكير في ذلك الأمر على اعتبار أنها سوف تعود لا محالة !
ولا أدري لماذا نتعامل مع فلسطين وكأننا نشاهد مسلسلا عربيا رديئا ، ينتهي بموت الشرّير أو إصابته بشلل أطفال ( لو أمكن ذلك ) ، ويتضح أن البطل كان بريئا منذ البداية ، وتوافق فاتن على الزواج من صلاح ( باعتبار أنه بريئ ولن يرضى المشاهد أن تتزوج غيره حتى ولو كان يشبهني)
هذه النهاية ترضي المشاهد العربي الذي ينام قرير العين ، فهو قد حصل على النهاية التي يريدها ،
دون جهد منه ، على اعتبار أن كل من مات في المسلسل هم ممثلون لم يموتوا حقيقة !
وأنه ـ أي المشاهد ـ سوف يعود ليشاهدهم غدا في أدوارأخرى !
ولكن هل حقا هذا ما يحدث في فلسطين ؟
حتى أنني أعتقد أن الطفل الذي مات أمس في غزة كان قبل أمس يموت في رفح ؟
أقرأ دائما لكتاب يصدعوننا بعبارات على غرار
( وكم بكيت على فلسطين )
( الحديث عن فلسطين يجتر أحزاني الصامتة )
( فلسطين جرحي الدامي )
وكان بودي أن أكتب مثلهم وأقول أنني أشعر بالمرارة حين أتحدث عن فلسطين ، أم أصدقكم القول وأعترف أنني ـ مثل غيري ـ ربما تأثرت بأحداث مسلسل باب الحارة أكثر من أحداث فلسطين !
هل أنا سيئ ؟
أم البقية كاذبون !
أم أن الحقيقة مؤلمة ومن الصعب التصريح بذلك ؟
لا أدري أين قرأت تلك المعلومة والتي تقول أن صحفيا سأل كاتبا أمريكيا :
أيهم يؤلم أكثر : زلزال في نكرجوا أم دمّل في الأنف ؟
واضح أن السؤال ساخر ، ولكن الكاتب أجاب بقوله ( أعتقد أن ألم الدمّل لا يطاق )
كنت اليوم أقرأ اليوم ( الأولى للزمان والثانية للجريدة ) عدد قديم من الجريدة .
وطالعتني صورة الأم الميتة مع طفليها( رحمهم الله ) في مجزرة من المجازر الكثيرة هناك ،
وقد كنت ساعتها ألتهم كيس ( بطاطس بنكهة الجمبري ) وأنا لم أذق الجمبري في حياتي ولكني أفترض بأن النكهة نكهته فعلا ، المهم أن الكيس وقع من يدي ـ بفعل الجاذبية على ما أعتقد وليس بفعل التأثر ـ فانحنيت لألتقطه وعندما اعتدلت كنت قد نسيت ماهي الفقرة التي كنت أقرأها
هكذا ببساطة !
نتابع أخبار التاسعة ( بالمناسبة هل لا زالت نشرة الأخبار في التاسعة ؟؟ لأنني انقطعت عن متابعتها منذ زمن ) أقول : نتابع أخبار التاسعة ،، فنتأثر .. وربما يذرف العاطفيون منا دموعهم .. ومن ثم نتابع فقرة كوميدية تلي الأخبار مباشرة ،، فنتأثر ـ ضاحكين ـ بنفس الدرجة من التأثر .. إن لم تكن أكثر !!
هذا هو التأثر الذي نقدم !
وتلك هي المساندة التي نمنح !
أما تأثر حقيقي .. على غرار ( إذا اشتكى منه عضو ) فذلك أمر مستبعد !
إلا صحيح .. وش أخبار المقاطعة ؟؟
.................................................. . الهامش .................................................. .
يا أيّها الرجال..
أريدُ أن أعيشَ أو أموتَ كالرجال
أريدُ.. أن أنبتَ في ترابها
زيتونةً، أو حقلَ برتقال..
أو زهرةً شذيّه
قولوا.. لمن يسألُ عن قضيّتي
بارودتي.. صارت هي القضيّه..
يا أيّها الثوار..
في القدسِ، في الخليلِ،
في بيسانَ، في الأغوار..
في بيتِ لحمٍ، حيثُ كنتم أيّها الأحرار
تقدموا..
تقدموا..
فقصةُ السلام مسرحيّه..
والعدلُ مسرحيّه..
إلى فلسطينَ طريقٌ واحدٌ
يمرُّ من فوهةِ بندقيّه..
لــ نـزار
لـ ي أنا الباقي
والباقي هــو
نقطة النهاية ( . )
ابوشهد